ريشة | مُجتمع الأدب العربيّ
ريشة | مُجتمع الأدب العربيّ

عجيب !

لطالما عرف بان العنوان يجب ان يوضع في مقدمة النص ولكني في هذه المرة سأكسر القاعدة, لأن ما كتبت عنها ليست بحاجة لعنوان يدلل عليها

“ما اجمل ان يدرك المرء انه ما زال قادرا على الاستمتاع بما وهبه الله من نعم و ما منّ عليه من خيرات, خاصة بعد ان اصبحنا آلات تسعى لتأمين لقمة عيشها و فقدنا القدرة التمتع بهذه الحياة وما فيها”

لقد ابصرت عيناي , لا ادري اين انا ؟ المكان يبدو مالوفا ! ولكن لا استطيع تحديد المكان ؟ وجدت نفسي واقفا في وسط ميدان للسيارات, المكان مزدحم بالمارة ! اين انا؟ ولماذا بدات قدماي بتحرك ؟! انا امشي ولكن الى اين ؟ وكأن عقلي يأمر أرجلي بالحركة وانا لا املك القدرة على التحكم بعقلي!….. بدأت اجول في الشوارع و بدات اسمع اصوات الناس ولكن لا ادرك لغتهم ! اهي عربية, انجليزية, فرنسية, شكرسية, شيشانية, ارمنية…. او حتى تركمانية ؟ لم ادرك باني قادر على فهم هذه اللغات او حتى عدّها ! ولكن السؤال الذي يجول في خاطري هو, اين انا ؟….. نعم انها العربية, نعم ها انا اسمع بعض الكلمات “ شولنك, كيفك, علامك , قوّك, اخبارك عيني , ازيك يا باشا, كولتلك كيفك ” اي لهجت هذه ؟ – بدء عقلي بتفكير بسرعة لم اشهدها من قبل حتى مع اصعب المسائل الرياضية – هل انا في الاردن, سوريا, مصر ؟ هل انا في فلسطين ؟وهل حررناها في الاصل ؟ هل انا في الخليج ؟. لم ادرك بعد اين انا ولا حتى طبيعة الاشخاص من حولي,فكانت الحيرة تقلقني, ففي جنب الشارع هناك فتاه لا يتجاوز عمرها عمري, سمارها “حنطي” و عيونها سوداء, سواد الليل في نهاية الشهر القمري, و خطوط الكحلة تخرج من اطراف عينيها, فقلت لنفسي هذه بنت البدو فنوع جمالها فريد من نوعه على الرغم من لباسها العصري, وما ان شعرت باني اعرف اين انا, حتى ظهرت على الطرف الاخر من الشارع شقراء, خضراء العينين,صاحبت ملامح فرنجية فعندها وقعت في حيرة و عاد ذلك السؤال, أين انا ؟ ما زلت اتحرك بين الشوارع و الازقة الضيقة, اتنقل بين عمارات شهاقة تعانق السماء بطولها و تنير الافق بضوئها – على الرغم اني في وقت المغرب و الليل بدء بنزول- وبين حارات شعبية تملؤها الحفر المملوءة بالماء, اتنقل بين بيوت من الحجر الثمين و ارى على الجهة الاخرى بيتا للبدو او حتى خرابيش بني مرة التي يمكن التعرف عليها من تعدد الوانها , وفجأة جاء ذلك الصوت من بعيد الذي انزل على نفسي الراحة و السكينة “الله اكبر الله اكبر ….. “ انه الاذان ! انه النداء الى صلاة المغرب ! اذن انا في بلد مسلم! ولكن هناك صوت اجراس, “كنيسه ملاصقة لسور المسجد” عجيب !. مضى الوقت وانا اتجول و في كل دقيقة يزداد في نفسي التاكد و الاصرار اني زرت هذا المكان من قبل ولكن متى ؟ ولكن على الرغم من حالت الاندهاش و القلق و الراحة التي يقطعها خوف , اصبحت احب هذا المكان, اصبحت ادرك ان هذا المكان على تنوع من فيه و اختلاف خلفياتهم الثقافية و الدينية و الاجتماعية الا انها انصهرت في بوتقة واحده لتصبح مجتمع واحد متماسك كلوحة الاحجية التى تختلف قطعها و لا تتشابه ولكن تكملُّ كل قطعة الاخرى لتعطي في النهاية لوحة فنية جميلة…….. بعد ساعات من المشي وقفت قدماي. ولكن ما هذا المكان ؟ اليس هذا بيتي ؟ انا اعيش هنا ؟ اذن هذه المدينة عمان ؟ ولكن اللغات , اللهجات, الالوان , والاشخاص , البنايات ؟ لماذا لم ادركها من قبل وانا اعتبر من سكان هذه المدينة ؟ ما الذي شغتلني عن كل هذا الجمال و المحبة والالفة…. اسألة كثير تدور فقي عقلي…..لقد ادركت سوء وضعي و حياتي التي تمضي بسرعة, انها مشاغل و تحديات الحياة هي التي اشغلتني وانستني معنى الحياة ,فما اجمل ان يدرك المرء انه ما زال قادرا على الاستمتاع بما وهبه الله من نعم و ما منّ عليه من خيرات, خاصة بعد ان اصبحنا آلات تسعى لتأمين لقمة عيشها و فقدنا القدرة التمتع بهذه الحياه وما فيها. الحمدلله على كل شيء.  

عمان

عن رعد المحيسن

شاهد أيضاً

ريشة | مُجتمع الأدب العربيّ

عراك الظلام

ها انا جالسة ويصبني الملل، واضعة بجواري مصباح لا يفارقني ويحيطنا ظلام دامس. لم نخاف …

ريشة | مُجتمع الأدب العربيّ

سأسكت

ثمّة هناك ثلة لا بأس فيها وكل البؤس منها في مجتمعنا ، يحاكون الغازات النبيلة …

شاركنا تعليقك =)

%d مدونون معجبون بهذه: