مما روى الأديب الروسي، تشيخوف، نبدأ، فيسرد في إحدى قصصه أن طفلا ذهب لطبيب ليشكره على إنقاذه لحياته، وكانت الهدية تمثال من البرونز لامرأتين عاريتين بينهما شمعدان، فيرفض الطبيب بشدة؛ فعيادته يدخلها الرجال والنساء، إضافةً إلى أنه متزوج.
بإصرار من جانب الطفل يقبل الطبيب هديته، لكنه يبدأ محاولاته للتخلص من التمثال، وذلك بإهداءه لصديق له، محامٍ، وتتكرر نفس القصة، فيخشى من قبولها بسبب زبائنه، لكن يأخذها ويحاول إهداءها لآخر يعمل ممثلا.
حاول المحامي أن يهدي الممثل التمثال، فحياة الممثلين عارية فاجرة، إلا أنه يرفض، فهو وإن كانت حياته خليعة فهو يحب الظهور بوقار، لكنه قَبل الهدية قبل أن يبحث عن محل تحف لبيعها.
إذا سألت فتاة عما إذا كانت على علاقة بأحد يختلف عن جنسها تكن الإجابة سريعة وقاطعة “لأ”، وإذا تحريت من صديق لك حول مشاهدته للأفلام الإباحية يشرع في الاستغفار ويقفّيها بـ”لأ”، وإذا سُئِل حاكم عن الحرية لقال “موجودة والحمد لله”.
بهذا الشكل تزدهر آفات الخبث والنفاق، وتبذر مقدمات الكذب والخداع، والحجة “إن الله حليم ستار”، أو وضعها تحت بند “خصوصية”، وما هي بذلك، حتى تغيب صراحة النفس عن الفرد ويعيش في طور الفضيلة، فإضافةً إلى خداع غيره فهو يخادع نفسه، والمهم هو أن لا يرى أحدا “التمثال العاري”.
نعود لمن تحدثنا عليهم، فالفتاة، حقيقةً، تكن “مشؤطة” من الجنس الآخر، أو فاقدة لعذريتها –تشبيه مبالغ في أمره- أما من استغفر في سيرة الأفلام الإباحية لتجد مفاصلة منهوكة من العادة الملعونة، أما الحاكم فسجونه تتغذى على المعتقلين وتقول هل من مزيد؟!
الصراحة، مهما بلغت ذروتها، ليست وقاحة، وتسمية الأشياء بمسمياتها هو إقرار بالحقيقة، وإن كان اللفظ حاد، ومهما بالغت في الاحتشام أمام العباد فأنت أمام ربهم عارٍ، فكفى حديثا عن الاحتشام والأدب وواجهوا أنفسكم؛ تصحوا..
شاهد أيضاً
تعويذة منمقة صقلوها فألصقوها
مهيئون نحن دوماً على وضعية التمني، نحاكي أحلاماً كثر ولكنّ أقل القليل منها يصيّر إلى …