ريشة | مُجتمع الأدب العربيّ
ريشة | مُجتمع الأدب العربيّ

هذه هي البيعةُ يا أمي 1

هذه هي البيعةُ يا أمِي ،،،
في الظُلماتِ الثلاثِ كُتبت ليَ البيعة ,,
نهاية الشهر السادس تنظرين الى المرآة يا أمي وتبتسمين فقط اقترب اليوم الذي ستضعين فيه مولودكِ
ثقُلت يا أمِي عليكِ , ,
يراكِ الكلُ مبتسمةً ولا يعلم مدى آلمِ المخاضِ الذي سبَبته لكِ ,,
طلقاتٌ و زفراتٌ تستعصي على الجبالِ الشامخات
ولكن بُعد المشرقينِ أن تقهر جبروتَ صبركِ أمي
هذه هي البيعةُ يا أمِي ,،،
تمضي الأيام فالساعات فالثواني لتأتي اللحظةُ التي أخرج من تلكَ الظُلماتِ إلى هذه الدنيا لأشمَ هواءاً ممزوجاً :
بالكفاحِ والإلمِ والتعبِ ,, بالحبٍ والكراهيًةِ ,, بالمودَةِ والحقدِ ,, بالأملِ واليأسِ ,, بالإيثارِ والأنانيةِ ,,
أتعبتُكِ أمي مرةً أخرى وأنتِ تفصلين لي مكوناتِ هذا الهواء وتغذينني إياها مع لبنكِ وحنانك ,,
هذه هي البيعةُ يا أمِي ,،،
انقضت الطفولة بلهوها وطيشها ولا مبالاتها ,,
ها أنا أكبر وأنهل من عيون الحياة ما تستلذُه فطرتي التي جُبلت من دمك أمي ,,
ها هي الصعوباتُ والآلامُ والمشاقُ تلوحُ خلفَ كلِ هدفٍ ,,
ها هي المسؤوليات تزداد والحِمل يثقُل ,,
ها أنا أحسٌ بها وكأنَها جزءٌ من جسدي ,,
هذه هي البيعةُ يا أمِي ,،،
في ظلال مسجدي وجَهت مركبي بفكرٍ سار مسرى الدمِ في شراييني ،،
نقتاتُ منه ويقتاتُ منًا
هذه هي البيعة يا أمِي ,،،

بناءٌ وإخاءٌ ,, نتخذ العلم وسيلة ,, نصافح الأقران ,, نتغنَى بالقرآن
بالتعبِ إمي نرتقي القمم ,, نقتحم القلوب ,, ننشر عِطر فكرنا الأخَاذ ,,
هذه هي البيعة يا أمِي ,،،
وجهكِ أمي يتلألأ مع إشراقةِ كل شمسٍ بل أظنَ أن الأخيرةَ تستجلب منه نورا وضياءاً ليدبَ في جسدي قوةَ وعزيمةَ تكفيني طيلةَ يومي ,,
أشغلتُ نفسي عنكِ أداريها أحبُك أمي ,,
هذه هي البيعة يا أمِي ,،،
لا تلومي تقصيري فلومُكِ كسهامٍ تخترقُ جسدي ودعاؤكِ لي ما يسدُ ظمأَ تقبيلِ قدمكِ الطاهرة ,,
هذه هي البيعة يا أمِي ,،،
نقاتل في معاركِ الحياة لنصنع الحياةَ بمفهومها التي خُلقت لأجله لا بما غيَرها أيدي العابثين من جنس البشر ,,
نرسمُ خطَ سيرنا بحكمةٍ وفِطنةٍ عينُ الله ترعانا ,,
نبني جسراً للأمل فوق مستنقعِ اليأسِ حبالهُ اليقينُ معقودٌ بالتوكل ,,
نقاسِ غربةَ القريب والبعيد فطوبى للغريب ,,
هذه هي البيعةُ يا أمِي ,،،
نبتسمُ وعلى ظهورنا حِملٌ أبت السَماواتُ والأرضُ والجبالُ عن حَمله ,,
نبتسم لنقهرَ أنداد الحقِ ونسخر من الأهوال لنستجلب قوةٌ لا تُقهر ,,
هذه هي البيعةُ يا أمِي ,،،
عافت أنفاسنا الذل والتبعية لغير رب البريًة وعشقت الحريَة ,,

سنُطارد ونُحبس ونُنفى ونُقتل
أعلنَاها حياةٌ لله ومماتٌ لله ,,
هذه هي البيعةُ يا أمِي ,،،
أتذكرين أمي قولك : أنا نذرتكَ لله يا أمي
إذن ادفعِ ضريبة بيعتكِ مع الله ,,

أتُراه يأزِف ذلك اليومُ الذي أروي دمي فداءاً لهذه البيعة
أتُراه يأزِف ذلك اليومُ الذي أُزفُ فيه إليكِ وروحي مبتسمة
أتراه يأزف يا أمي ,,

هذه هي البيعة يا أمًي
عقدانِ من عمري لا أرجو ثالث لهما
,, أحبك أمي ,,

خواطر كيميائي

عن سميح عميرة

شاهد أيضاً

ريشة | مُجتمع الأدب العربيّ

عراك الظلام

ها انا جالسة ويصبني الملل، واضعة بجواري مصباح لا يفارقني ويحيطنا ظلام دامس. لم نخاف …

ريشة | مُجتمع الأدب العربيّ

سأسكت

ثمّة هناك ثلة لا بأس فيها وكل البؤس منها في مجتمعنا ، يحاكون الغازات النبيلة …

شاركنا تعليقك =)

%d مدونون معجبون بهذه: