ريشة | مُجتمع الأدب العربيّ
ريشة | مُجتمع الأدب العربيّ

العائدة

رجع بها شريط ماضيها الى نقطة الصفر … يعيد نفسه مراراً وتكراراً … فلمٌ مصورٌ يصّور نفسه بنفسه … يعيد نفسه بنفسه .. حلقة تلو الحلقة … وذاكرة وراء الذاكرة .. لقطة وراء اللقطة …. بسمة وراء البسمة … دمعة وراء الدمعة …. مشهد تلو المشهد …. وجع تلو الوجع … أمل تلو …. الانكسار ……
تظن نفسها طائر منكسر .. لا حول له ولا قوة …. تدرك أنها ليست الوحيدة …ولكنها يقينة انه الوحيدة المنفردة بأوجاعها ” هي” …..تعصف بها أعوامها الثمانية عشر … تعصف بكيانها رياح شمالية تارة وجنوبية تارة أخرى ….. تدرك أن لا مفر من المواجهة .. تواجه وتواجه ولكنها تتعب .. تتعب حد الوجع … أو تتوجع حتى التعب فتواجه مرة أخرى …..
قلت لكم أن المشاهد تعيد نفسها .. أو ربما هي جالسة على زر الاعادة … ومصرة عليه …. ربما تخاف من شيء ما … لا تدري ما هو ولا حتى أنا أدري …. كم حاولت أن أفهمها لكن دون جدوى …..أحيانا أشعر أنني فككت شفرتها السرية وأنها الان بين متناول يديّ … ولكن في نهاية اليوم أكتشف انني كنت قابعة في مستنقع أوهامي وأنني لم أستطع حتى الاقتراب من “كودها” السري …..
كنت أرها دائما جالسة على شاطئ ذاك البحر .. تمسك بيدها كتاب قديم وبيدها الأخرى قلم رصاص … لا أعرف لماذا لا تسطيع فعل أي شيء الا بوجود ذلك القلم !! ربما ….. يكفينا ” ربما ” ….. حتما هناك سرٌ سوف نكتشفه يوما ……..
وبجانبها كوب من القهوة الحلوة …. فمعها تحلو المشاركة … ومع حلاوة القهوة و سكرها تحلو أفكار صديقتنا ……
كنت أرها دائما تجلس على قمة ذاك الجبل ….. تجلس لساعات متواصلة دون أن تحرك ساكنا …. تصبح جثة هامدة … جسدها متجمد وعقلها يطير وروحها معلقة بين شيء وشيء …..
كنت أرها دائما تجلس على كرسي في زقاق حارة ما ….. لا أعرف لماذا اختارت تلك الحارة بالذات … ولكن لنتعدَّ هذه المرحلة … فكانت على غير العادة دائمة الابتسام عند جلوسها على ذاك الكرسي …..!! مبتسمة ؟؟ هي ؟؟؟ متأكدة ؟؟؟؟
نعم نعم … اني اقسم … مبتسمة هي على ذاك الكرسي …. أمام العابرين ….. أمام الكلمات… أمام الأعين والنظرات ….. أمام لا أحد ….أما أحد ….أمام نظرة…. أمام فكرة …. أمام ….. أمام شيء ما ……
كتومة …. كتومة هي صديقتي ….. كتومة هي نفسي … فقلبها مقسوم الى شطرات …. شطرة تتناثر عبر الكون …وشطرة تتناثر عبر المجرات … وشطرة تتناثر عبر روحها فقط …. وشطرة … لا أعرف أين هي .. ربما أضاعتها في مكان ما …. لكنها حتما ما ستجدها ….أنا أثق بذلك ….
18 … 17 ….15……10 …..9 ….7….6…..4…..3….2…..1…0 …. دقت ساعة صفرها ….. ترجع هي الى ساعة الصفر …. تنسى أعوماها الثمانية عشر وترجع الى يومها ” الصفريّ” ….. تعود لتنسى …. تعود لتضحك …. تعود لتنتصر … تعود لترى …. تعود لتعيش …. تعود لتنام …. تعود لتلعب ….. تعود لتحيا ……
مهلا ً!! هل أنت في كامل قواكِ العقلية يا فتاتي ؟؟؟ هل أنتِ متأكدة مما تفعلين ؟؟ ستندمين .. صدقيني !! ستبكين …ثقي بي !!! سترجعين … ولن تجدي أحد بانتظارك حينها !!! كفاك غباءً …. كفاكِ حيرة … كفاكِ حزنا …. كفكاِ تمردا … وأرضي بنصيبك … وأرجعي الان … أرجعي الان ..فالرجعة غدا مستحيلة …. صدقيني !!!
صدقيني …. أنت لن تستحملي … لن تقدري أن تكوني في ” صفرك” .. لن تقدري أن تعيدي الكرة مرة أخرى …. لن يستحمل عقلك ولا قلبك ذلك …. سوف تندمين حين لا ينفع الندم …. لن تقدري أن تكوني في تلك القوقعة مرة أخرى ….. لن تقدري أن تكوني مسجونة بتلك الفقاعة السوداء للمرة الألف …. أعرف … أعرف أن مصابك جلل ….. ولكن مواجهة المستقبل خير لك من أن تعودي الى الصفر …. أن تعودي الى ذلك الزمان مرة أخرى …. ثقي بي .. فأنا أعرفك جيداا …. بل بتّ أعرفك جيدا ….. بتّ أعرف عقلك وقلبك وفرحك وحزنك ودمعك وملحك وسكرك وغضبك وابتسامتك ….. بتُّ أعرف روحك ….. بت أفهمك الان …. فأرجوكي حققي لي مطلبي …. وعودي ……

عن رنيم بدر

شاهد أيضاً

ريشة | مُجتمع الأدب العربيّ

عراك الظلام

ها انا جالسة ويصبني الملل، واضعة بجواري مصباح لا يفارقني ويحيطنا ظلام دامس. لم نخاف …

ريشة | مُجتمع الأدب العربيّ

سأسكت

ثمّة هناك ثلة لا بأس فيها وكل البؤس منها في مجتمعنا ، يحاكون الغازات النبيلة …

شاركنا تعليقك =)

%d مدونون معجبون بهذه: