ريشة | مُجتمع الأدب العربيّ
ريشة | مُجتمع الأدب العربيّ

وجبة كرامة

يما شو تغديت ؟ يما جعان ؟ يما مرتاح ؟ يما اشتقتلك , يما أنا بمشي فيك مرفوعة الرأس , يما لا ترجعلي مثل خوانك مستشهد , يما بدي افرح فيك …حكاية تتوارى بين كل أم فلسطينية و صورة جامدة في صدر البيت تشع بالأمل و الفخر والشوق و الألم , حال كل أم فلسطينية انتزع ضناها من بين أضلاعها , تخلق الحوار من العدم تخاطب أبنائها منهم اللاجئ ومنهم المعتقل ومنهم الذي روى دمه تراب الوطن .

كتمت الزنزانة أصوات الأسرى حرمتهم من أبسط حقوق الإنسانية , لم تعد خيوط الشمس تغازل عيونهم , تمنوا أن يسمعو كلمة عربية, تمنوا أن يستيقظ الضمير العربي , تسلل دعائهم عبر الجدران اجتاز الأفق لم يكن عونهم غير رب كريم وكلو أمرهم لربهم , جعلوهم أموات وهم أحياء , بل رفضوا الخضوع للواقع , فزرعو الأمل و بستان الوطن في زنزانة يحاصرها الظلم والألم بل أرادو أن يعلنو أن النصر أتي , اتخذوا الماء و الملح وجبة كرامة لتعيد لهم كرامتهم , ابتعدوا شتى البعد عن حياة كريمة تنادي بها الإنسانية ليروي جفاف الكرامة في الوطن العربي , فكان الصبر ودعاء الأم وتوالي الشهداء على أرض الوطن والظلم والإحتلال مصدر إرادة ليكملو الطريق الذي بدأو به.

فهم أرادو أن يبنوا بيوت العز والكرم, أوطان الفرج , جسور الإيمان إلى الجنة بالصبر والإرادة فكانت دمعتهم بين الظلام التي تعصر القلب ألما تعبر عن آهات شعب ومعاناة إنسانية ولكن بقي أملهم بالرب الكريم ، فالشمس لا تظهر فجأة في كبد السماء وإنما تشرق وترتفع خطوة خطوة فيزيد نورها , فالحياة كالزرع لا تنبت دفعة واحدة بل تحتاج وقت وهم ضحوا بوقتهم , ضحوا بحقوق تعيد لهم إنسانيتهم أرادو أن يخوضوا معركة الأمعاء الخاوية صبروا جوعهم بأن لقائهم لأرض الوطن قريب , بأنهم سيعودون كأطفال لحضن أمهاتهم , بأنهم سيسجدون لرب كريم , بأن قلبهم سيشع من جديد , ستعود لهم الحياة التي تسر الإنسانية التي جليت منهم .

لن  أتراجع عن إضرابي إلا بالحرية والشهادة وأن متمسك بموقفي رغم وضعي الصحي السيء فالأسير سامر العيساوي اتخذ الصبر طريق ليصل به للحرية أو للشهادة , الذي اعتقله الجنود الإسرائليون من بين أزهار بيته , انتزعوه من بين أحشاء والدته ولكنه توج عبارات والدته على عرش الأسر والذل فاصبر وإن طالت الليالي , فقد طالت الليالي و طال الأسر و طال العذاب وطال الإنتقام و طال النيل من عروبته ونوم الضمير العربي في السبات ولكنه نال من الصبر ما تمنى . صبر ببعده عن أمه وتراب وطنه , صبر ببعده عن خيوط الشمس التي تغازل عينيه صبر و صبر …واتخذ معركة الأمعاء الخاوية سبيلا لرد الإنسانية والوطنية سبيلا لإيقاظ الضمير العربي , فصبره جعله صاحب أطول إضراب طعام على مر التاريخ , فقد استمر بالإضراب عن الطعام مدة تسعة أشهر و كأنه أما تنتظر مولودا فأنجب سامر العيساوي طفلا بمشاعر مجردة يتشوق لضم الأرض الفلسطينية يتشوق لحضن أمه يتشوق لسماع كلمة عربية بدلا عن الشتائم والذلة باللغة العبرية وخاض معركة الجوع والصبر فقد نال جزاء صبره , قد حان اليوم الذي سيحصد ثمار صبره قد حانت العودة لحضن الأم , مفتاح الفرج سفتح له أبواب الأسر , حان الوقت الذي فيه تستقبله أمهات الأسرى والشهداء مزغدة , العصافير مزقزقة , أمواج البحر تتراقص فرحا على الشاطئ , قد حان اليوم الذي تغني فيه  الأمهات ” مكتوب على حبينك بطل يا ساكن الزنازين ” الذي سيخرج فيه سامر من الإحتلال ببرقية عنوانها الصبر والإرادة يرسلها لكل إنسان , فكل يوم تصرخ الجدران باكية إلى متى سيبقى الضمير العالمي نائم ؟ وتصرخ قضبان الحديد اصبر واستمر فموعدنا الجنة , معركة العيساوي لم تكن فقط دفاع عن حقوق وطنية و تعبيرا إنسانيا راقيا عن ظلم يقع على شعب أعزل يعيش أكثر من نصفه مأساة اللجوء والشتات بل رسالة إلى العالم أجمع أن الصبر و الإرادة سبب مسير الشعب الفلسطيني فنحن أتباع أمة محمد .

لن نستقبلهم شهداء , سنتسقبلهم أحياء بكل فخر وسلامة و عافية سنستقبلهم ليكونو رواد القوة لنقف بجانبهم لنسمع رسالتهم فهم رجال الكرامة , رجال المي والملح , رجال تعيد بناء الضمير العربي , رجال تنادي بأعلى صوت بأن بنقذهم الرب من الذل والظلم , إنسانيتي تدفعني محامية وصارمة لأعيد لهم إنسانيتهم .

يما رجعت شهيد , يما ريحتك الزكية فاحت  في كل الدار , يما أنا فخورة فيك , يما لحقت أخوتك ؟ صح ما فرحت فيك وبشبابك بس أنت فرحت الشعب كله , يما وكلتك لربي الي عنده ما في اشي بضيع .. وتتبعها مزغردة لا لتزفه عريسا وترى أحفاده بل تزفه لعرش الرحمن ويتبعها الشعب مزغرد و دموعها ينادي يارب فاستبدلت نداء العرب بالرب , فهناك لا تضيع الودائع , دموعها و دم ابنها يروري شجر الزيتون ليمتد جذوره إلى شعب أعزل لتبقى الأصالة والعزة والقوة تتوارث بينهم , تروي شجر الزيتون الذي سيكشف عن المحتلين في يوم لا ريب فيه , فشجر الزيتون قد سقي بالألم والمعاناة والقوة .

” يا عالم العدالة والأمن والحرية من يوصل الرسالة للأسرة الدولية ونحن في حصار , شعبي هنا يعاني من شدة الطغيان , يا عالم الإنسان إلى متى تنساني , من يوقف الدمار في ساحة السلام .. ” ندائي متمثل بعالم العدالة والإنسانية ليعيد لشعب حقوق و حرية وفرحة مسلوبة , ليعيدو طفولة أطفال الحجارة , فلا تحزني يا دار شعبك كله إصرار أما العرب فقد طال الإنتظار … يا حسرة ويا حيف …

https://soundcloud.com/samtsound/m567xm2udghy

عن lana amer hassan

شاهد أيضاً

ريشة | مُجتمع الأدب العربيّ

عراك الظلام

ها انا جالسة ويصبني الملل، واضعة بجواري مصباح لا يفارقني ويحيطنا ظلام دامس. لم نخاف …

ريشة | مُجتمع الأدب العربيّ

سأسكت

ثمّة هناك ثلة لا بأس فيها وكل البؤس منها في مجتمعنا ، يحاكون الغازات النبيلة …

شاركنا تعليقك =)

%d مدونون معجبون بهذه: